top of page

سهير عدلي تكتب قصة قصيرة بعنوان الوان غامقة

  • alnaharnews
  • 31 gru 2019
  • 2 minut(y) czytania

قصة قصيرة ألون غامقة منذ حدثي وأنا أعشق الألوان الغامقة ولا يروق لي أرتداء غيرها، خاصة الأسود، وأتعجب عندما أراهم يرتدون الألوان الفاتحة كالاصفر ، والأبيض، فاضحك بداخلي عليهم، وانعتهم بيني وبين نفسي أنهم معدومي الذوق، وكنت ألقي بعرض الحائط كل نظرات الدهشة التي أراها في عيونهم، وسؤالهم لي المحشور في حناجرهم دائما: -لماذا تلبسين الأسود مرارا وأنت مازلت صغيرة؟؛ فكنت أجيبهم وأنفي مرفوعة بثقة وأقول لهم: -أنه لوني المفضل.. فما هي معاناتكم لأرتدائي له؟ أنني أعشقه ياناس، أجد أناقتي فيه.. أنه يزيدني جمالا يجعلني كالبدر يتلألأ بين الظلام الحالك، فبشرتي البيضاء المشربة بحمرة وسط الأسود تزداد بهاءا، وضحكتي الصافية وأنا البسه كصواريخ العيد في ليلته الصاخبة. وتمر السنون وشبابي الغض يزبل، والبدر ينطفئ نوره، والشيخوخة ترسم خطوطها الغبية على وجهي، وجدتني أصبحت أعاف الألوان الغامقة أكرهها، أقشعر منها..خاصة الأسود، ونفسي تهفو الى ألوان الربيع، إلى الشباب والنور، والحياة. ولكن تأتي العادات القديمة تجري خلفنا ممسكة في يديها حجارة اللوم والتقريع ترجمنا بكلام ثقيل تشج به رؤوسنا..كلام يهد الهمة، ويجرح الأمل ويضاعف العمر سنوات وسنوات، ماذا يحدث لعجوز مثلي إن إرتدت جلباب أبيض أو أحمر؟ ..هل سينقص هذا من كرامتها.. أين العيب في ذلك؟ وكأن الالوان الفاتحة وصمة عار تحيق بالمسنة إن لبسته، مالكم كيف تحكموم، لماذا تأتي واحدة من النساء وتمصمص بشفتيها وكأنها رأت جرم عظيم عندما تراني أرتدي ثوب بلون فاتح فتهمس من خلفي: -هل جنت هذه العجوز لكي ترتدي ثوبا بهذا اللون؟؛ ..لون لا ترتديه إلا الفتيات الصغيرات. كلماتهن تدفنني وأنا حية، تحكم عليا بالحداد على ميت لم يمت، جعلوني أندم على شبابي الذي سجنته خلف قطبان الألوان الغامقة، وأعض على أناملي من الغيظ وأنا اقول ليتني أشبعت قالبي بألوان الربيع. في عيد الأم اجتمع حولي أولادي وأحفادي محملين بالهدايا، عندما تفقدتها، اختفت ابتسامة الفضول لدي، وانطفئت الفرحة عندما وجدت هداياهم كلها لا تليق الا للأموات..ولكني حية أرزق، قلبي في ريعان شبابه، يقفز، يلعب، ويحلم أيضا فلماذا يوؤودونه بمثل هذه الألوان الغامقة؟ ولكن هل استسلم لهم؟.. لا.. -ما بك أمي. نطق بها أبني البكري عندما رقدت في الفراش سبعة أيام مريضة ..لا أتعافى ولم يجدي معي أي دواء..فقلت له باعياء. -يبدو أنني على عتبة الموت يابني. -لا أمي سلمك الله ..لا تقولي ذلك أنما هي وعكة خفيفة وسوف تعافين بأذن الله. احضروا لي الطبيب وبعد الكشف والفحص قال لهم: - لا تقلقوا أنه مجرد عامل نفسي يؤرقها. وبألسنة القلق سألوا الطبيب: -وما العمل اذا ماذا نفعل لها: -قال الطبيب: - دوائها في ألوان الربيع..فالألوان الغامقة تسبب لها الأكتئاب. فانحنى ابني عند رأسي وهو يتوسل لي ويقول: - من الآن وصاعدا يا أمي لن تلبسين الا الألوان الفاتحة. فقلت له بصوت حاولت أن يبدو ضعيفا: -ولكن ..يا بني ماذا ستقول الناس عني اذا لبست الوان الشباب هذه، وأنا قد تجاوزت السبعون..انها لا تليق بي. فقال ابني وهو يحاوط كتفي بحنان ويقبل ظاهر يدي: فلتذهب كلماتهم الى الجحيم..الأهم أنت يا ست الحبايب. وأنا تحت الغطاء اكتم ضحكتي لأني فلحت أن اجبرهم على أن يرجوني أن أرتدي الألوان الفاتحة..حتى أتعافى..واحمد الله انهم لم ينتبهوا للطبيب صديق زوجي، وهو يغمز لي حينما دس لهم رغبتي في أمر طبي ضروري..كانت خدعة بريئة منا مرت بسلام. بقلم / سهير عدلي


 
 
 

Comments


Post: Blog2_Post

Nasr City, Cairo Governorate, Egipt

009665512076542

(+48) 456 789 123

Subscribe Form

Thanks for submitting!

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn

© 2019 بواسطة صحيفة النهار. تم إنشاؤها بفخر مع

bottom of page